وقفة العدد: المرحوم زيتوني مبروك

وقفة العدد

زيتوني مبروك الأب الروحي للرابطة الولائية لكرة القدم

المرحوم أعطى الكثير للكرة البسكرية والوطنية

لم يكن من السهل على فريق عمل القسم الرياضي لموقع "المشعل" أن يتناول في أول عدد شخصية من الشخصيات الرياضية الكبيرة التي قدمت الكثير للكرة البسكرية والوطنية على حد سواء، لما لهذا الرجل من سمعة وطنية، وهذا حرصا على أننا ربما لا نستطيع إعطاء المرحوم حقه، وقد نظلمه، لكننا حاولنا جمع أكبر قدر من المعلومات على هذه الشخصية الرياضية المميزة. اليوم سنقدم شخصية رياضية قدمت الكثير والكثير لهذه الأرض الطيبة، خاصة بالنسبة لشخصي حيث تعلمت منه لما كنت على رأس نادي وداد أمل بسكرة، إنه المرحوم زيتوني مبروك المدعو (بادي) قدم الكثير للكرة الجزائرية، حيث لم يتفان لحظة في خدمة هذا الوطن، من خلال عمله في الرابطة الولائية أو المهام الكثيرة التي تقلدها على المستوى الوطنى، ومساهمته في تطوير الحركة الرياضية.

"مبروك زيتوني" فارق هذه الدنيا يوم 26 جويلية 2008 إثر سكتة قلبية مفاجئة. حيث كان المرحوم يشغل منصب المدير الإداري والمالي للرابطة الولائية لكرة القدم ـ بسكرة ـ بعد أن ترأس الرابطة سنة 2005، وقد التحق بهذه الهيئة الرياضية منذ تأسيسها، كما تقلد منصب رئيس نادي إتحاد بسكرة في جوان 2006 أثناء أصعب مرحلة مر بها الفريق والتي تزامنت وسقوطه الحر إلى القسم  الوطني الثاني بعد عام واحد في بطولة الكبار، وهروب الجميع من المسؤولية، وكعادته فضل تحمل أعباء النادي محاولا إخراجه من عنق الزجاجة.

ويعد رحيل " بادي زيتوني" خسارة كبيرة للأسرة الرياضية البسكرية والوطنية التي فقدت برحيله واحدا من ركائزها ومسيريها الأكفاء. حيث عرف عن المرحوم حبه الكبير لعمله واجتهاده المتواصل في تطوير رابطة كرة القدم لولاية بسكرة، والرياضة عموما، ولطالما حلم بصعود فريق "خضراء الزيبان" إلى بطولة القسم الوطني الممتاز، ولعبه الأدوار الأولى، وكان مناصرا للروح الرياضية واللعب النظيف، والتجديد، والعمل باحترافية وطرق علمية حديثة في مجال التسيير.

ـ من يكون المرحوم زيتوني مبروك؟

ولد المرحوم " بتاريخ 27نوفمبر 1955 ببسكرة" زاول تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي بها. وبعد حصوله على شهادة البكالوريا انتقل إلى ورقلة للإلتحاق بمركز تكوين الإداريين الذي تخرج منه سنة 1976.بدأ حياته العملية في مصالح الجمارك الجزائرية كعون إداري بولاية الوادي، بعدها عاد إلى مسقط رأسه بسكرة واشتغل في الفترة من 1976 إلى 1980 مراقبا لأملاك الدولة بالمديرية الولائية لأملاك الدولة، لينتقل بعدها للعمل في الشركة الأجنبية scipamوsipex  كعون مكلف بالمبيعات، وذلك في الفترة من 1980 إلى 1987. كما شغل كذلك منصب مدير تجاري بمصنع الملح بالوطاية سنة 1985.

ـ المناصب الرياضية التي تقلدها

في الجانب الرياضي لعب المرحوم دورا كبيرا في تأسيس الرابطة الولائية لكرة القدم. كما تقلد منصب الأمين العام للإتحاد الرياضي البسكري، وساهم في صعوده من القسم الشرفي إلى القسم الجهوي. وبعد تأسيس الرابطة الولائية، شغل منصب أمين مالي في عهدة رئيسها الأول السيد " الساسي محمد" وبعدها مع الرئيس الثاني للرابطة السيد " الطاهر شريف" وفي نفس الوقت تقلد منصب رئيس لجنة التحكيم بذات الرابطة سنة 1990 خلفا للسيد " غزلي مكي". وبالموازاة مع هذه المهام شغل مهمة تأطير الحكام، ومعروف أن مبروك زيتوني كان حكما سابقا، حيث تحصل على درجة "حكم فيدرالي" مكنته من العمل كمكون وطني للحكام وعضوا باللجنة المركزية للتحكيم تحت رئاسة الحكم الدولي " خليفي أحمد". واصل مهامه في الرابطة الولائية لكرة القدم في منصبه السابق بحسب التسمية الجديدة وهي مدير مالي وإداري " DAF" من 1995 إلى غاية 2005 وهي السنة التي إنتخب فيها رئيسا للرابطة، حيث استمرت رئاسته لهاته الهيئة الكروية لموسمين متتاليين " من 2005 إلى 2007". في 15 جوان 2006 إنتخب المرحوم رئيسا لنادي الإتحاد الرياضي البسكري USB، وذلك في بعد الجمعية العامة العادية للنادي. وجاء توليه لهذا المنصب في ظروف جد صعبة مر بها الإتحاد خاصة وأنها عقبت سقوطه الحر إلى القسم الوطني الثاني مباشرة في العام الموالي لصعوده لأول مرة في تاريخه إلى حظيرة الكبار "القسم الوطني الأول". وللظروف الصعبة التي واجهته استقال من رئاسة الفريق بعد حوالي ستة أشهر من توليه هذا المنصب، وهي الفترة التي وجد فيها الفريق يتخبط في العديد من المشاكل. حيث أولى اهتمامه في ذلك الوقت بإعادة ترميم بيت الإتحاد وتسوية الأمور العالقة الموروثة عن فترات التسيير السابقة، وقد جعل هدفه الرئيسي بناء نادي محترف بأتم معنى الكلمة، في جميع الميادين. وبخصوص الصعود إلى القسم الأول فقد وعد وقتها أنصار الإتحاد بتحقيقه خلال ثلاث سنوات بعد مرحلة تكوين فريق قوي أغلب لاعبيه من أبناء المنطقة. وهو الحلم الذي طالما راوده وعمل جاهدا لأجل تحقيقه رفقة المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للفريق وهم على التوالي: عبد الكريم بن يلس، زكور أحمد، حجوري عز الدين، وأخيرا مع المدرب المرحوم "إبراهيم قليل". وقد قبل المرحوم بادي زيتوني رئاسة الإتحاد في فترة صعبة تخلى فيها الجميع عن الإتحاد، وكان ذلك بفضل الدعم المعنوي والمالي للسيد والي ولاية بسكرة السيد "ساعد أقوجيل" وكان له بذلك الفضل في إنقاذ الفريق من شبح السقوط للأقسام الدنيا أو الانسحاب من البطولة بشكل نهائي. وعانى" بادي" خلال رئاسته للإتحاد من عدة مشاكل خاصة أثناء التحضيرات وفترة استقدام اللاعبين التي عرفت  في السابق تجاوزات كبيرة بسبب سوء التسيير وضعف الدعم المالي، وهي النقائص التي عمل المرحوم على تجاوزها، حيث عمل حينذاك على ألا تتجاوز قيمة عقد أحسن لاعب 200 مليون سنتيم، وطلب في ذلك الوقت من الجمهور البسكري وضع الثقة التامة في  أبناء الفريق واللإلتفاف حول الخضراء، لإعادة الأمل  للأنصار.  ولدى مغادرته رئاسة الفريق لظروفه الصحية التي منعته من مواصلة المشوار. ترك الإتحاد في وضعية مريحة خاصة من الجانب الإداري والتسيير المالي المحكم، الذي انعكست آثاره الجيدة على مردود الفريق، فقد تحسن مستوى الأداء .

زيتوني مبروك "بادي" في ذمة الله

توفي المرحوم "مبروك زيتوني" صبيحة السبت 26 جويلية 2008 بعد تعرضه لسكتة قلبية مفاجئة وذلك بمستشفى الحكيم سعدان ببسكرة، وقد شهدت جنازة المرحوم حضورا جماهيريا قويا، تتقدمهم السلطات المدنية والعسكرية، كما حضرت العديد من الوجوه الرياضية المعروفة لإلقاء النظرة الأخيرة على المرحوم، وكذا إشراف عناصر من الأمن الوطني على الموكب الجنائزي الذي انطلق من بيته بحي ألف مسكن إلى غاية مقبرة البخاري. واستمرت العائلة في تلقي التعازي لأيام عديدة، من طرف عديد المسؤولين، والرياضيين، وكل من عرف المرحوم وتعامل معه ـ رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه إنا لله وإنا إليه راجعون ـ .

زيتوني مبروك يساهم في الإشعاع الرياضي

هذا ويعود للفقيد الفضل في المساهمة في تطوير رياضة كرة القدم على مستوى الوطني والمحلي، وذلك من خلال دعم الفرق الناشئة ومساعدتها على الإنخراط في البطولة الولائية، وفي هذا الإطار فإنه كان أول من مكن الفرق البلدية من الإلتحاق بالبطولة الولائية بعد أن تقوم الولاية بتسديد المستحقات وكذا مسح ديون كل الفرق إلى درجة انطلاق البطولة الولائية ببسكرة بحوالي 16 فريقا سنة 2004، وهو رقم قياسي مقارنة ببقية الرابطات الولايات. والى جانب هذه المجهودات فقد شارك المرحوم مبروك زيتوني في عدة أنشطة رياضية على المستوى المحلي، والوطني حيث أشرف على تأطير عدة ملتقيات خاصة بالتحكيم والرياضة عموما في بسكرة وخارجها، وساهم من موقعه كرئيس للرابطة الولائية لكرة القدم في تكريم العديد من الوجوه الرياضية وقدامى لاعبي الإتحاد، وأشرف كذلك على تأطير ملتقيات التدريب حيث استضافت بسكرة ملتقى دولي وآخر وطني للمدربين.

عرف عن المرحوم أنه أعطى قسطا كبيرا من وقته لعمله وللرياضة وبالخصوص للإتحاد الرياضي البسكري الذي حمله في وجدانه وكان من أحلامه أن يحقق معه الصعود إلى القسم الوطني الأول، كما يشهد له الجميع بتفانيه وإخلاصه في عمله إلى درجة أن عائلته وأبناؤه لطالما افتقدوه في البيت العائلي، وكانوا يضطرون في بعض الأحيان للإتصال به عن طريق الهاتف، وقد نقل لنا ابنه " عبد الحليم" صورة عن مجهودات والده أثناء أدائه لعمله، وكيف أنه كان يصر على التنقل بنفسه لكل الفرق الرياضية المتواجدة بمختلف بلديات الولاية والإشراف على دعمها التقني والمعنوي. ولعل قيمة الرجال تظهر أكثر عند فقدانهم وهو ما تجسد يوم مواراة جثمان الفقيد التراب.

الإبن حليم على خطى الوالد

وإن كان من كلمة أخيرة تقال لابن المرحوم " عبد الحليم" الذي يشتغل بدوره في الميدان الرياضي بصفته حكم جهوي أنه طلب من كل من عرف والده أن يدعو له بالرحمة والمغفرة، مقدما الشكر والامتنان لكل من واساه في هذا المصاب الجلل، كما لم ينس كل من وقف بجانبه، كما تنمنى فعل ولو القليل للما قدمه والده المرحوم. وإن كان الرجل قد رحل فقد ترك ورائه سبعة أبناء يدعون له ويقتفون من ورائه الأثر، وذلك درب الصالحين، ودرب الإبن " عبد الحليم" الذي يحتفظ  لوالده بأجمل الذكريات كتلك التي جمعته به أثناء إشرافه على تحكيم إحدى المباريات المصيرية بالبطولة الولائية  بين فريقي إتحاد البرانيس، ونادي الصحيرة "نجم سيدي موسى" حيث حضر يومها الوالد مبروك زيتوني لتتبع اللقاء فارتكب الإبن الحكم خطأ تقني، حتم أن ينال جزاءه. ونظرا لطبيعة العلاقة التي تربط الإبن بالأب الصديق، ولأن الوفاء من شيم المخلصين فلا يزال "عبد الحليم" يحتفظ إلى غاية اليوم برقم هاتف والده النقال ويرد بدلا عنه على مختلف المكالمات التي تصله.

وفي الختام لا يسعنا نحن أسرة موقع "المشعل" أن نتقدم بالشكر لابن المرحوم حليم زيتوني الذي شرفنا بالحضور، ورغم التأثر الشديد إلا أنه إستطاع أن يبرز الدور الكبير الذي لعبه الوالد في سبيل تطور وتقدم الرياضة البسكرية والوطنية، كما نتقدم بالشكر لكل أعضاء الرابطة الولائية لكرة القدم لولاية بسكرة .

كما نرفع أيدينا مبتهلين داعين المولى العزيز القدير أن يرحم الفقيد، ويسكنه فسيح جنانه ويبدله دارا خيرا من داره. آمين يا رب العالمين ـ إنا لله وإنا إليه راجعون ـ.

 فاروق لمعيني 2010/2011